إنها النار..........يا نفس إنها النار فهل لك قدرة على النار؟ أم هل لك صبر على غضب الجبار؟ ويبقى هنا سؤال هل أنتهي بي الأمل؟ هل كتب علي أن أجازى بسوء العمل؟ لا وربي بل لا يزال في العمر فسحة. وباب التوبة مفتوح ؟
فدعيني يا نفس ! دعيني أمضي بما تبقى من إيماني لعل الله أن يلحقني بأهل الجنة .
دعيني أبادر اليوم بعدما فرطت في أمسى......دعيني قبل أن تغيب عن الدنيا شمسي .
يا نفس قد أزف الرحيل وأظـــلك الخـطب الجليل
فتأهبي يا نفس لا يلـعب بـــــــك الأمـل الطـــويل
فلتنــزلـــن بمنزل ينسي الخـــــليل فيه الخــــــليل
وليــركبن عــــــليك فيه مــن الثــــــرى ثقل ثقيل
فانظري يا نفس واعتبري بمن سكن القبور بعد القصور واعلمي أن الفرصة واحـدة لا تتكرر فإذا جاءت السكرة فلا رجعة ولا عودة فأنت في دار المهلة فجاهدي قبـــل النقلة قبل أن تقولي
( رب ارجعون لعلي أعمل صالحاً فيما تركت ) .
أو (تقول حين ترى العذاب لو أن لي كرة – رجعه- فاكون من المحسنين ) .
يا نفس ....
هي جنة أو نار ..... فوز أو خسار .......نعيم أو جحيم ......سعادة أو عذاب .........
كأنك بالتعـــــب قـــــد مضى وبذر الصبر قـــــــد أثمر حلاوة الرضا ......ثم ماذا ؟
جنات تجري من تحتها الأنهار فيها مالا عين رأت ولا أذن سمعت ولا خطر على قلب بشر... من يدخلها لا يفنى شبابه ولا تبلى ثيابه ......ينعم ولا ييأس .......يحيا ويموت..... هناك حيث اللذة ..... حيث الحبور ...... حيث النعيم ..... والسرور ..... والحور .
( فلا تعلم نفس ما أخفى لهم من قرة أعين جزاء بما كانوا يعملون )
هناك حيث نرى الله رب العالمين .................. ونلقي سيد المرسلين .
لذلك أدعوك أختاه أن تتذكري .أختاه ........................ تذكري
تذكري
أن الله لم يخلقك عبثا ولم يتركك سدي بل أن الله خلقك لغاية جليلة ألا وهي عبادته قال
الله تعالى
( وما خلقت الجن والإنس إلا ليعبدون ) .
والله سبحانه وتعالى أوجدنا في هذه الدار للاختبار فبعد انقضاء الأعمار الكل سيقف بـين يديه ليس بينه وبين الله حجاب فيسأله عن الصغير والكبير والنقير والقطمير.
قال تعالى في الحديث القدسي :
( يا عبادي إنما هي أعمالكم أحصيها عليكم ثم أوفيكم إياها فمن وجد خيرًا
فليحمد الله ومن وجد غير ذلك فلا يلومن إلا نفسه ) أخرجه مسلم
أختاه ..........تذكري أن الموت قادم
قال تعالى:
( كل نفس ذائقة الموت وإنما توفون أجوركم يوم القيامة فمن زحزح عن النار فقد فاز وما الحياة الدنيا إلا متاع الغرور ) .
ولك أن تتخيلي أيتها الأخت الفـــاضلة أن ملك المـوت قد دخل عليك الآن وسينادي عليك ويقول
( يا أيتها النفس الـ....................) وأنت بين تلك الكربات وتلك الحسرات تسألي نفسك يا ترى بأي نداء سوف ينادي علي ؟
هل سيقول يا أيتها النفس المطمئنة أخرجي إلى مغفرة من الله ورضوان ؟
أم سينادي ويقول يا أيتها النفس الخبيثة أخرجي إلى سخط من الله وغضب؟!
فـــإذا جــــــاء النداء الأول فذاك هو الفوز الذي لا فوز بعده وتلك هي البشرى التي لا تدانيها الـدنيا بما عليها وأما إذا جاء النداء الثاني عياذاً بالله فتلك هي الحسرة التي لا تدانيها حسرة في هذه الدنيا .
المـــوت باب وكل الناس داخلة يا ليت شعـري بعد المـوت ما الــدار
الـــــــدار جنــــة خلد إن عملت بما يــرضي الإله وإن خالفـت فالنار
هــــما محلان ما للناس غيرها فــانظـــر لنفسـك أي الـــــــدار تختار
أختـــاه اختاري لنفسك قبل ألا تستطيعي فأمامك الفرصة والسوق مقامه ( الدنيا ) ومعك رأس مــــــالك ( عمرك ) .
وكان يزيد الرقاشي يحدث نفسه ويقول ( ويحك يا يزيد من ذا الذي يصلي عنك بعد الموت ؟
ومن الذي يصوم عنك بعد الموت ؟ من ذا الذي يترضى عنك ربك بعد الموت ثم يقول : آيها الناس ألا تبكون وتنحون على أنفسكم باقي حياتكم ؟ من الموت مصرعه والتراب مضجعه، والدود آنيسه ومنكر ونكير جليه ، والقبر مقره ، وبطن الأرض مستقره ، والقيامة موعده والجنة والنار مورده كيف يكون حاله ؟ ثم يبكي حتى يسقط مغشيا عليه.
أختاه ............... تذكري لحظة دخولك القبر
عنـــدما يأتيك ملكان فيسألانك من ربك ؟ وما دينك ؟ وماذا تقولين في الرجل الذي بعـــــــث فيكم؟ فمن عاشت في طاعة الله غير متبرجة بزينة فتقول بلسان الواثق بوعد الله ربي الله وديني الإسلام ومحمد رسول الله فيفسح لها في قبرها مد البصر وتفتح لها باب من أبواب الجنة ويأتيها من روحها ونعيمها أما الأخرى العاصية المتبرجة والتي جعلت إلهها هواها يأتيها الملكان فيسألانها من ربك ؟ وما دينك؟ وماذا تقولين في هذا الرجل الذي بعث فيكم ؟ فلا يجدوا منها إجابة إلا قولها هــا .....ها.....ها....لا أدري فيضيق عليها قبرها حتى تختلف أضلاعها ويفتح لها باب من النار فيأتيها من حرها وسمومها .
العين تبكي على الدنيا و قد علمت أن الســــلامة فيها تـرك ما فيها
لا دار للمرء بعد المــوت يسكنها إلا التي كانت قبل الموت يبنيها
فــلا تركن إلى الـدنيا و زخرفهــا فأن الموت لا شك يفنينا و يفنيها
أختاه .......... تذكري ...... شدائد يوم القيامة
فكيف بك يا أمة الله إذا رجعت الأرض وبست الجبال وشخصت الأبصار وخشعت الأصوات للرحمن فلا تسمع إلا همسها وتقطعت الأسباب وزفرت النار فشاب الصغير وصاح الكبير وشيبتاه وصاح المفرط وخيبتاه وأزفت الآزفة وبلغت القلوب الحناجر وتوالت المحن على العباد ونودي باسمك من بين الخلائق للحساب أين فلانة بنت فلان ؟
هلمي إلى العرض على الله عز وجل فوثبتي على قدميك ترتعد فرا نصك و تضطرب جوارحك متغير لونك فزعه مرعوبة من الوقوف بين يدي الله الواحد القهار للسؤال والحساب فبأي لسان تجيبينه حين يسألك عن قبيح فعلك وعظيم جرمك عندما كنت متبرجة وبأي قدم تقفين غداً بين يديه وبأي نظر تنظرين إليه وبأي قلب تتحملين كلامه العظيم الجليل ومساءلته إياك يوم يقول لك يا أمة الله جسمك لماذا عــريتيه ؟ ولماذا لم تستريه ؟ لماذا لم تتقي الله فيه ؟ والشباب لماذا فتنتيه؟ أما أجللتيني ؟ أما استحييت مني ؟ ما حالك عندها يا أمة الله أين عدتك أيتها الغافلة كم في كتابــــك من حسنات وكم فيه من السيئات هل تنفع الأزياء والموديلات وهل تنفع الأغاني والمسلسلات . فتأملي هذا اليوم وكيف سيقف الناس في أرض المحشر خمسين ألف سنة حفاة عراة غرلاً لا طعام ، ولا شراب, ولا ظل تدنو فوق رؤوسهم الشمس قدر ميل فهو أعظم يوم تنكشف فيه العورات و يؤمن فيه مع ذلك النظر و الالتفات.
أخرج الأمام مسلم من حديث عائشة قالت :-
سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : يحشر الناس يوم القيامة حفاة عراة غرلاً.
قلت : يا رسول الله النساء والرجال جميعا ًينظر بعضهم إلى بعض ؟
قال : يا عائشة الأمر أشد من أن ينظر بعضهم إلى بعض .
فيا من أبيت إلا التعري ستقفين عارية يوم القيامة كيوم ولدتك أمك ومع ذلك لا يأبه بـــك ولا يلتفت إليك فالآمر خطير جد خطير.
ويا من أطلقتَ عينك لتنهش في أجساد و عورات النساء ستقف بينهن يوم القيامة و هن عـرايا و لكنك لا تستطيع النظر إليهنّ لأَنك ساعتها مشغول بنفسك .
( يا أيها الناس اتقوا ربكم إن زلزلة الساعة شيء عظيم . يوم ترونها تذهل كل مرضعة عما أرضعـت وتضع كل ذات حمل حملها وترى الناس سكارى وما هم بسكارى ولكن عذاب الله شديد).
أختاه ......تذكري مجيء جهنم
أخرج الإمام مسلم من حديث عبد الله بن مسعود أنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم
( يؤتى بجهنم لها سبعون ألف زمام مع كل زمام سبعون ألف ملك يجرونها ) .
فيا له من مشهد مهيب تنفطر منه القلوب ...فإذا جيء بجهنم زفرت زفرة فلا يبقى ملــك مقرب ولا نبي مرسل إلا جثي على ركبتيه والكل يقول اللهم سلم سلم ......... والكل يقول نفسي نفسي حتى أن عيسى بن مريم عليه السلام يقول من هول ذلك اليوم لا اسأله اليوم إلا نفسي لا اسأله مريم التي ولدتني.
تفسير بن كثير
يقول الحق تبارك وتعالى :
( كلا إذا دكت الأرض دكا دكا. و جاء ربك و الملك صفا صفا . و جيء يومئذ بجهنم يومئذ يتذكر الإنسان و أنى له الذكرى . يقول يا ليتني قدمت لحياتي ) . (الفجر)
تأملي معي هذه الحسرة الشديدة لكل من فرط في طاعة الله جل وعلا إذا رأى جهنم فإنه يصرخ ويقول
( يا ليتني قدمت لحياتي ) كلمة يقولها كل من فرط في الصلاة وكل من عق والديه وكــــــل من ظلم العباد وتقولها كل من تركت حجابها وخرجت سافرة متبرجة ناسية قول الله جل وعلا.
(يا أيها النبي قل لأزواجك و بناتك و نساء المؤمنين يدنين عليهن من جلابيبهن ذلك أدنى أن يعرفن فلا يؤذين و كان الله غفور رحيما ً) . ( الأحزاب)
تذكري أنها النار يا أختاه التي أوقد عليها ألف عام حتى احمرت وألف عام حتى ابيضت وألف عام حتى اسودت فهي الآن سوداء مظلمة !! لو القي حجر فيها لظل يهوى سبعين خريفا حتى ينتهي إلى قعرها فاتقوا النار فإن حرها شديد ومقامعها حديد وقعرها بعيد.
تذكري أن نعيم الدنيا كله لا يساوي غمسة في جهنم .
أخرج مسلم من حديث أنس – رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :
( يؤتى بأنعم أهل الدنيا من أهل النار يوم القيامة فيصبغ في النار صبغة ثم يقول : هل رأيت خيراَ قط ؟ هل مر بك نعيم قط ؟ فيقول لا والله يا رب ؟ ويؤتى بأشد الناس بؤساً في الدنيا من أهـــل الجنة فيصبغ صبغة في الجنة فيقال له يا أبن آدم هل رأيت بؤساً قط ؟ هل مر بك شدة قط ؟ فيقول لا والله ما مر بي بؤس قط ولا رأيت شدة قط ).
أختاه ......... ( أعلمي انك ستموتى وحدك ......وستحشري وحدك.....وستبعثي وحدك ..... وستحاسبي وحدك وأعلمي لو أن أهل الأرض جميعا ً أطاعوا الله وعصيت أنت فلن تنفعك طاعتهم) .
واعلمي لو أن أهل الأرض جميعا عصوا الله وأطعت أنت فلن تضرك معصيتهم
أختاه............. ذنبك ..... ذنبك إنما هو دمك ولحمك .
فإن سلمت من ذنبك سلم لك دمك ولحمك وأن تكن الأخرى فإنما هى نار لا تطفأ و جسم لا يبلى و نفس لا تموت .
قال تعالى :
( أفمن يلقى في النار خير أم من يأتي آمنا يوم القيامة أعملوا ما شئتم إنه بما تعملون بصير )
أختاه .........تذكري وقوفك بين يدي الله الجليل
عندما يأتيك النداء أين فلانة بنت فلان فيلقى الله في روعك انك أنت المقصودة من بين الخلائق فتقبلي على عرش الواحد الديان ياله من موقف عصيب .
أخرج البخاري ومسلم من حديث عدي بن حاتم انه قال :
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :
( ما منكم من أحد إلا وسيكلمه الله يوم القيامة ليس بينه وبينه ترجمان فينظر أيمن منه فلا يرى ألا ما قدم وينظر أشأم منه فلا يرى إلا ما قدم وينظر بين يديه فلا يرى إلاّ النار تلقاء وجهه فأتقو النار ولو بشق تمرة ولو بكلمة طيبة ) .
أختاه ..........تذكري يوم تشهد عليك الجوارح والأركان
قال تعالى : ( يوم تشهد عليهم ألسنتهم وأيديهم وأرجلهم بما كانوا يعلمون ) ( النور )
قال تعالى: ( اليوم نختم على أفواههم وتكلمنا أيديهم وتشهد أرجلهم بما كانوا يكسبون ) (يس)
بل ستشهد عليك الأرض التي تمشين عليها متبرجة متعطرة .
أخرج الترمذي من حديث أبي هريرة أنه قال :- قرأ النبي صلى الله عليه وسلم هذه الآية
( يومئذ تحدث أخبارها )
قال: أتدرون ما أخبارها ؟ قالوا الله و رسوله أعلم . قال فإن أخبارها أن تشهد على كل عبد و أمه بما عمل على ظهرها أن تقول . عملت كذا و كذا في يوم كذا و كذا فهذه أخبارها .
أختاه .........تذكري تطاير الصحف و الناس في هذا المشهد صنفين لا ثالث لهما .
صنف يأخذ صحيفته بيمينه فيصرخ بأعلى صوته وهو يجري في ارض المحشر ويقول ( هاؤم اقرءوا كتابيه إني ظننت أنى ملاق حسابية فهو في عيشة راضية في جنة عالية ) . فتنادي عليه الملائكة وعلى أمثاله من أهل الجنة
وتقول
( كلوا واشربوا هنيئاً بما أسلفتم في الأيام الخالية ) .
الصنف الآخر – نسأل الله ألاّ نكون منهم – يأخذ صحيفته بشماله أو من وراء ظهره فيصرخ بأعلى صوته في حسرة شديدة ويقول (يا ليتني لم أوت كتابية ولم أدر ما حسابية يا ليتها كانت القاضية ما أغني عني مالية هلك عني سلطانية ) فيأمر الله الملائكة ويقول لهم
( خذوه فغلوه ثم الجحيم صلوه ) .
يقول القرطبي : فيبتدره مائة ألف ملك ثم تجمع يده إلى عنقه فذلك قوله ( فغلوه) ثم الجحيم صلوه أي أدخلوه النار العظيمة المتأججة ليصل حـرها ( ثم في سلسلة ذرعها سبعون ذراعاً فأسلكوه ) أى ثم أدخلوه فى سلسلة طولها سبعون ذراعاٌ تدخل من دبره وتخرج من حلقه .
أختاه .............تذكري الميزان
قال تعالى :
( فمن ثقلت موازينه فأولئك هم المفلحون ومن خفت موازينه فأولئك الذين خسروا أنفسهم في جهنم خالدون ) . ( المؤمنون)
أختاه ................تذكري الصراط وأهواله
فالناس بعد هذه الأهوال يساقون إلى الصراط وهو جسر ممدود على متن النار أحد من السيف وأدق من الشعر فمن استقام في هذا العالم على الصراط المستقيم خف على صراط الآخرة ونجا . ومن عدل عن الاستقامة في الدنيا تعثر وتردى فتفكري الآن فيما يحل من الفزع بفؤادك إذا رأيت الصراط ودقته ثم وقع بصرك على سواد جهنم من تحته ثم قرع سمعك شهيق النار وتغيظها وقد كلفت أن تمشي على الصراط مع ضعف حالك واضطراب قلبك وتزلزل قدمك وثقل ظهرك بالأوزار المانعة لك عن المشي على بساط الأرض فضلاً عن حدة الصراط فكيف بك إذا وضعت عليه إحدى رجليك فأحسست بحدته وأضررت إلى أن ترفعي القدم الثانية والخلائق بين يديك يزلون ويتعثرون وآخرون يخطفون بالخطاطيف وبالكلاليب وتسمعي العويل والبكاء وتنظرين إلى الذين ينتكسون على رؤوسهم وآخرين على وجوههم فيا له من منظر فظيع ومرتقي ما أصعبه تتلفتي يميناً وشمالاً إلى من حولك من الخلق وتديري فيهم بصرك وهم يتهافتون أمامك على جهنم والنبي يقول اللهم سلم سلم . فتصوري لو زلت قدمك فهل ينفعك ندمك وتحصرك في ذلك الوقت كلا ٌ
( يومئذ يتذكر الإنسان وأن له الذكرى ) .
وأخيراً أختاه ..........جنة نعيمها مقيم أو نار عذابها أليم
.
وتذكري قوله تعالى
( لا يستوي أصحاب النار وأصحاب الجنة . أصحاب الجنة هم الفائزون )
نسأل الله تعالى أن يجعلنا من أهل الجنه
:سلام 5: